إدارة أزمة بلدية غزة بـ"سلم الهروب"!!

 إدارة أزمة بلدية غزة بـ"سلم الهروب"!!

                                                                               ***************
محسن الإفرنجي

  ***************

هل يمكن أن يكون الرد على استقالة ثلثي أعضاء مجلس بلدية غزة هو تشكيل مجلس بلدي جديد مباشرة مع رفع شعار "ممنوع الاقتراب من  رئيس البلدية..! "؟
ما دار في بلدية غزة مؤخرا أمر يدعو إلى الاستغراب والاستهجان الشديدين، فالمشكلة قائمة بين المجلس ورئيس البلدية منذ مدة طويلة جدا، واستمعت إلى أكثر من عضو عن سياسة "التفرد والتطنيش واللامبالاة" التي يتعامل بها رئيس البلدية معهم ومع مطالب المواطنين، وقرأت بعضا من المراسلات بينهم. 
غير أن المشكلة تفاقمت وانفجرت بعد أن وصلت اللقاءات والمفاوضات بين الطرفين إلى طريق مسدود فسره وزير الحكم المحلي محمد الفرا بأنه جاء نتيجة لما أسماه "عدم انسجام وتوافق" بينهم، وهو تفسير يبعث على الضحك ويدلل على مدى استخفافه بعقول المواطنين.
فكيف يمكن لوزير يمثل حكومة أن يتعامل مع الأزمة بهذه الطريقة الالتفافية باحثا عن أقرب سلم "هروب" بدلا من مواجهتها بكل شجاعة ومهنية والعمل على حلها لا "تقزيمها" لأنه استخدم المسكنات ولم يعالج المريض الرئيس.
فالانسجام الذي يتحدث عنه سيادة الوزير يمكن ألا يتحقق بين رئيس البلدية وعضو او اثنين أو ثلاثة لكن معظم أعضاء المجلس، هذا معناه أن ثمة مشكلة في شخص رئيس البلدية وطبيعة قيادته لدفة الأمور ونمطه الإداري المتبع.
ولولا أن رئيس البلدية يعلم طبيعة رد وزير الحكم المحلي ورد الحكومة بغزة التي تتحمل جانبا كبيرا من المسئولية؛ لما أقدم على ما قام ويقوم به.                                          
مبنى بلدية غزة
ولعل ما أدلى به د.ياسر الشرفا أحد أعضاء المجلس البلدي المستقيل بمدينة غزة يثبت صحة ما ذهبت إليه حيث ذكر في تصريح له أن السبب الرئيس وراء استقالة ثلثي المجلس البلدي هو (رفض رئاسة البلدية للقرار الأخير الذي اتخذه المجلس بخفض خدمات الفواتير التي تصدر، وتخفيض النسب التي تصدر أسوة بما هو معمول بشركة الكهرباء وباقي البلديات الأخرى).
وثمة سبب آخر يذكره - والحديث للعضو المستقيل الشرفا - ( اتخاذ رئاسة البلدية قرارات نهائية دون الرجوع للمجلس البلدي).
أما النجم الأبرز في الموضوع وهو رئيس البلدية م.رفيق مكي الذي اتهمه المجلس البلدي بالتفرد في قراراته وعم الاستجابة لمطالبهم؛ فاعتبر أن استقالة الثمانية أعضاء من المجلس البلدي السابق هي "خطوة استباقية قبل إعادة تشكيل المجلس البلدي الجديد" وفق تصريحه لوكالة معا..
تشكيل مجلس بلدي جديد لا اعتراض عليه بهدف تسيير أمور المواطنين لكن: ما المعايير والأسس القانونية التي تم تعيين المجلس البلدي الجديد بموجبها؟ وماذا عن شكاوى المجلس البلدي الذي استقال بسببها؟ وهل حققت الحكم المحلي في شكواهم؟ ولماذا آثرت الانحياز التام لرئيس البلدية بدلا من الانحياز لمصالح المواطنين وللتخفيف عنهم؟ ولماذا يرفض رئيس البلدية قرار المجلس البلدي بزيادة التخفيضات والتسهيلات للمواطنين؟ ولماذا تواطأت الحكومة مع رئيس البلدية ضد المجلس المستقيل؟
أزمة بلدية غزة يبدو أنها تخفي وراءها أزمات عدة نرجو ألا تؤثر على الخدمات المقدمة للمواطنين أو تعطل مصالحهم، لكن أخطر ما يؤرقني كمواطن أن من يتفرد في صنع القرار في أي مؤسسة وطنية لا يجد من يوقفه عند حده أو يحاسبه، بل يجد كل تبرير لأفعاله وشكر على حسن صنيعه.
ويبدو أن وزير الحكم المحلي مسرور بما آلت إليه الأمور إذ يقول معقبا في تصريح له نشره موقع "فلسطين الآن": "للانتقادات أنواع حيث أن بعض الملاحظات و القضايا لايمكن السكوت عليها، فنحن نتحدث عن اختلاف الاجتهاد بين الأعضاء ولا وجود لقضايا فساد أو مصالح خاصة بين أعضاء المجلس السابق...ونتلقى في الشهر ما يزيد عن 200 شكوى، ونراقب عن كثب سلوكيات البلديات، ولا نسمح بالتعسف باستخدام السلطة، وتدخلنا عند شعورنا أن الأمور تسير في غير صالح المواطن".
إذا كان شخص متنفذ يتصرف في بلدية غزة أكبر بلديات قطاع غزة كما يشاء وبدون أي محاسبة من الجهات الرسمية والمسئولة عنه، ألا يعد ذلك شكلا من أشكال الفساد يا سيادة الوزير؟ ألا تعتبر تصرفات رئيس البلدية تندرج في إطار "التعسف بالسلطة".. لماذا تراكمون الأخطاء بدلا من معالجتها باستخدام أسلوب "الطبطبة وبوس اللحى" والقفز عن القانون؟!

رابط المقال منشورا عبر شبكة قدس الإخبارية:
http://www.qudsn.ps/article/18196 

تعليقات