"تشكيك" في صفقة إبعاد الأسيرة المضربة الشلبي
من
الاعتقال إلى الإبعاد مرورا بإلاضراب عن الطعام...مشوار حافل بالمعاناة والتحدي خاضته
الأسيرة المحررة هناء الشلبي التي أعاد الاحتلال الإسرائيلي اعتقالها فقدمت تجربة
نضالية فريدة من نوعها للحركة الأسيرة غير أنها انتهت باتفاق مثل "صدمة
ومفاجأة" في ظل غموض يكتنفه.
الأسيرة
الشلبي من بلدة برقين غرب جنين أمضت 43 يوما مضربة عن الطعام بشكل متواصل،
غير آبهة بالمخاطر الصحية والنفسية التي تتهدد حياتها من أجل وضع حد لملف الاعتقال
الإداري الذي يتم بموجبه اعتقال مواطنين لمدد طويلة مع تجديد الاعتقال لهم دون
وجود أي "لائحة اتهام" بحقهم.
لم
يكن أمام الأسيرة الشابة الشلبي (28 عاما) وهي واحدة من الأسيرات اللواتي تحررن في
إطار صفقة التبادل الأخيرة خيارات؛ غير أنها "أرغمت" على وقف إضرابها مقابل
الإفراج عنها ونقلها إلى قطاع غزة لمدة ثلاثة أعوام، ضمن اتفاق غير معلن وغير واضح
التفاصيل.
الاتفاق
الذي أنهى إضراب الأسيرة لاقى "استهجانا" خاصة من ذويها الذين أعربوا عن
رفضهم التام لقرار إبعادها إلى القطاع الذي تفاجأت به عبر وسائل الإعلام "
وفق عمر الشلبي شقيق الأسيرة الشلبي.
وقال الشلبي في تصريحات
له: "الخبر وقع كالصاعقة على الأهل، فليس من المعقول أن يتم إبعاد الأسيرة
لثلاث سنوات إلى غزة، وكل حكمها أربع أشهر أداري".
وفي تصريح خاص لوكالة
الصحافة الفلسطينية "صفا" قال والد الأسرة الشلبي: " لقد كان
القرار مفاجئًا لنا وبدون أية مقدمات لا من قبل المؤسسات الحقوقية، ولا من قبل
المحامين الذين كانوا يتواصلون مع هناء، ونحن نطلب تفسيرا لذلك من قبل كل الأطراف" مطالبا
الأطراف المؤثرة كافة بالتدخل لوقف هذا القرار الذي يعد "أسوء من قرار الحكم بالإداري عليها".
الأطراف المؤثرة كافة بالتدخل لوقف هذا القرار الذي يعد "أسوء من قرار الحكم بالإداري عليها".
تساؤلات بلا إجابات..!
مخاوف
وشكوك عائلة الأسيرة الشلبي في الصفقة المعلنة شاركها فيها عدد من المؤسسات
الحقوقية ونشطاء حقوقيين حيث حذرت جمعية واعد للأسرى والمحررين من "المخاطر الشبهات"
التي تلف قضية الاتفاق على إبعاد الأسيرة هناء شلبي إلى غزة مقابل وقف إضرابها عن
الطعام طارحة علامات استفهام حول الحل الذي تم إبرامه بعد اتصالات استمرت لمدة تزيد
على الأسبوعين بين الاحتلال والسلطة الفلسطينية لإنهاء الملف.
وقالت
"واعد" في بيان لها: "الأسيرة هناء شلبي تعاني وضعا صحيا صعبا وكذلك
نفسيا ولذلك فإنه من غير المعقول أن يطرح البعض أنها قامت بالتفاوض مع المحكمة لوحدها
مؤكدة أن قرار أي إنسان في وضع مثل الذي تعانيه الشلبي لا يعتد به".
وتساءلت
باستهجان: "أين طواقم المحامين؟ وماذا كانت تفعل اللجان المكلفة بمتابعة الأمر
والفريق القانوني المكلف بالتفاوض مع النيابة الإسرائيلية للتوصل إلى حل حول القضية؟".
وكان
نادي الأسير الفلسطيني قال في بيان له تعقيبا على قرار سلطات الاحتلال: "هناء
الشلبي توصلت مع الجهات الإسرائيلية المعنية إلى اتفاق يقضي بإبعادها لمدة ثلاث سنوات
إلى قطاع غزة "مكرهة وهي على فراش المرض" بسبب طول فترة الإضراب".
لكن نادي الأسير عبر عن رفضه "القطعي
لفكرة الإبعاد من حيث المبدأ باعتبار ذلك مشكلة وليس حلا"، في وقت شككت فيه
جمعيات حقوقية بقدرة الأسيرة الشلبي على التفاوض مع الاحتلال وهي على "فراش
الإضراب منهكة تماما".
وبإبعاد
الشلبي – حال تنفيذه- تكون قوات الاحتلال قد رسخت فكرة تحويل قطاع غزة إلى "منفى"
لسكان الضفة أو سجناً جديداً لهم في ظل الحصار الذي يخضع له القطاع منذ أكثر من
خمس سنوات.
الإبعاد جريمة حرب..!
الإبعاد
القسري وفقاً للتفسير الدولي يعني نقل الشخص
رغما عنه داخل أو عبر الحدود الوطنية، ويشكل بذلك "ممارسة قسرية غير قانونية للأشخاص
المحميين، ويمثل انتهاكاً خطيراً وخرقا فاضحاً لاتفاقية جنيف الرابعة، لاسيما المادة
147 منها التي تعتبر الإبعاد جريمة حرب ( يحظر النقل الجبري أو الفردي للأشخاص المحميين
أو نفيهم من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال أو إلى أراضي أي دولة أخرى محتلة
أو غير محتلة أياً كانت دواعيه).
وفي
هذا الإطار وصف الباحث المختص بشؤون الأسرى ، عبد الناصر فروانة ، سياسة الإبعاد بأنها
"جرائم تستوجب الملاحقة والمحاكمة الدولية وفقا للقانون الدولي" .
وقال
في تصريح صحفي له: " إصرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي على استمرار النفي القسري
وإبعاد مواطني الضفة الغربية إلى قطاع غزة أو إلى خارج الأراضي الفلسطينية ، يشكل جريمة
ضد الإنسانية وعقاباً فردياً وجماعياً لهم ولذويهم".
وبخصوص تعليق إضراب الأسيرة الشلبي مقابل
إبعادها قال فروانة: "سياسة الإبعاد بشكل فردي أو جماعي تحت ذرائع وحجج مختلفة
، سياسة مرفوضة ومخالفة لكافة المواثيق والأعراف الدولية ، حتى وان تمت بموافقة الشخص
أو الجماعة المنوي إبعادهم تحت أي ظرف من الظروف" في إشارة منه إلى قبول
الأسيرة الشلبي بالإبعاد في ظل ظروف صحية "متردية للغاية".
ووفقاً
للقانون الدولي فإن الإبعاد "لا يُمنح الشرعية على الإطلاق حتى وإن نفذ بالاتفاق
بين طرفين على إبعاد أحدهما، ولفترة محدودة الزمن ، والموافقة على ما يخالف اتفاقية
جنيف أمر غير قانوني بموجب القانون الدولي الإنساني وفقاً للمادة الثامنة"
حسب فروانة.
وكانت سلطات الاحتلال أعلنت في تموز/ يوليو 2002،
اعتزامها إبعاد أقارب الأشخاص الذين يعرف أو يشتبه في أنهم قاموا بتنظيم هجمات ضد إسرائيليين
أو اشتركوا في تنفيذها واتخذت قراراً في ذلك ترجمته لاحقاً . وفي مطلع آب/ أغسطس من
العام نفسه وقَّع قائد قوات الاحتلال في الضفة الغربية تعديلاً للأمر العسكري رقم
378 ( للعام 1970 والمتعلق بالأنظمة الأمنية ) يجيز إبعاد الفلسطينيين من الضفة الغربية
إلى قطاع غزة.
وبالمقارنة
بين الإبعاد والاعتقال الإداري يبقى الإبعاد "جريمة لا تقل خطورة عن جريمة الاعتقال
الإداري".
تعليقات
إرسال تعليق