المقاومة الشعبية..هل
تنجح فيما عجز عنه السياسيون؟!
غزة – محسن الإفرنجي:
لم
تكد صلاة الجمعة تنته يوم الجمعة الماضي في قرية نعلين، غربي مدينة رام الله؛ حتى
حول جنود الاحتلال المنطقة إلى ما يشبه الثكنة العسكرية في محاولة
"يائسة" كما وصفها المواطنون لمنعهم من تنظيم المسيرة السلمية الأسبوعية
المنددة بجدار الفصل العنصري.
"لقد
قهرناهم، ولم يعد بالإمكان منعنا" قالها أحد المتظاهرين وهو يمسك بيده علما
فلسطينيا والأخرى يرفعها متشابكة مع يد متضامن أجنبي شارك في المسيرة السلمية الأسبوعية
التي غدت أقوى من ذي قبل بعد أن أرسى دعائمها إصرار المواطنين على تنظيمها وتأييد
ومشاركة المتضامنين.
فعاليات
المقاومة الشعبية في الضفة الغربية وقطاع غزة انتقلت بحركة التضامن من خندق
"المحلية" إلى "العالمية" في ظل الاهتمام المتزايد من مؤيدي
القضية الفلسطينية بالانضمام إلى تلك الفعاليات، والتي كان آخرها اعتقال ومنع عشرات
المتضامنين الدوليين ضمن حملة "أهلاً بكم في فلسطين".
وفي
تطور لاحق أعلنت سلطات الاحتلال عن قائمة اعتبرها "سوداء" تضم أسماء
1200 متضامن أجنبي سيمنعون من "السفر إلى إسرائيل" من بينهم شخصيات
سياسية وأكاديمية واجتماعية بارزة وجرى تسليمها لحكومات المتضامنين.
وكانت
اعتداءات قوات الاحتلال على مسيرات الاحتجاج السلمية المنددة باستمرار أعمال
البناء في جدار الضم (الفاصل) والاستيطان في الضفة الغربية؛ أسفرت
الأسبوع الماضي عن إصابة (15) متظاهراً بجراح، من بينهم طفلان ومتضامنان
إسرائيليان، فضلا عن إصابة عشرات المتظاهرين بحالات اختناق جراء استنشاقهم الغاز، وبكدمات
ورضوض جراء تعرضهم للضرب وفق المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان.
نقاوم حتى بمسيرة دراجات..!
إبداع
المواطنين لم يتوقف عند حد تنظيم المسيرات السلمية فقط؛ بل تعداه إلى تنظيم
مهرجانات واحتفالات ومسابقات كان من بينها مسيرة دراجات هوائية، نظمها منتدى شارك الشبابي
بالتعاون مع مؤسسات عدة.
فقد
تجمهر مئات المواطنين والمتضامنين الدوليين، قرب نبع العوجا، شمالي مدينة أريحا، لتنظيم
المسابقة، وجاب المشاركون بدراجاتهم الهوائية والمركبات شوارع قرية العوجا، مرورا بقرية
فصايل وانتهاء بالجفتلك، شمالي مدينة أريحا.
لكن
قوات الاحتلال جعلت من المتسابقين "مطاردين" لها حيث أقامت عدداً من الحواجز
الطيارة على الشوارع والطرقات المؤدية إلى منطقة الأغوار، وعلى كافة مداخل قرى وبلداتها،
لمنع "الدرّاجين" من مواصلة سباقهم، واعتدوا عليهم بالضرب المبرح بواسطة
بنادقهم.
ولم
يتأخر نشطاء المبادرة المحلية في غزة عن اللحاق بركب المقاومة الشعبية حيث يواصلون
تنظيم مسيرتهم الأسبوعية شمال قطاع غزة رفضاً للاحتلال وقراره العسكري القاضي بفرض
منطقة أمنية عازلة على طول قطاع غزة .ورغم عرقلة قوات الاحتلال لوصول المتضامنين إلى
غزة؛ إلا أن عددا من المتضامنين الأجانب تمكنوا من الانضمام إلى تلك الفعاليات التي
رفعت شعار "من غزة لدير ياسين وحدة شعب ما بلين" وفق منسق عام المبادرة
المحلية الناشط صابر الزعانين.
الانقسام يضعفها..!
غير أن هذا
الزخم المتنامي للمقاومة الشعبية يرى فيه مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات أنه
سيظل "يراوح مكانه في حدوده الضعيفة الراهنة" على شاكلة مقاومة قريتي بلعين
ونعلين، ولا يتوقع أن تتطور إلى آماد أبعد أو آفاق أرحب على المدى المنظور على الأقل.
وقال المركز في
تقرير أصدره بهذا الخصوص: "المقاومة الشعبية القاسم المشترك والحل التوافقي
المتاح، في هذه المرحلة الحساسة من عمر الفلسطينيين"؛ غير أن التحديات التي
تواجههم تجعل من خيار المقاومة الشعبية "أقرب إلى التنظير السياسي.
ويعزو
"الزيتونة" عدم تبلور أي اتجاه فلسطيني حقيقي نحو تفعيل دعوات المقاومة الشعبية
إلى "استمرار حال الانقسام والانفصال بين الضفة والقطاع"، داعيا إلى تشكيل
لجنة تضم قادة الفصائل والشخصيات الوطنية بهدف
وضع خطة شاملة تبحث في كيفية تجسيد خيار المقاومة الشعبية، وسبل استنهاض البعد الجماهيري
في لفعالياتها.
المسيرات
السلمية الشعبية بدأت دون انتظار لنتائج الاجتماعات الدائرة بين حركتي
"حماس" و"فتح" الخاصة بإنهاء الانقسام ويبدو أنها لن تتوقف
رغم كل التحديات، حيث تتسع رقعتها يوما بعد يوم في الضفة الغربية خاصة.
تعليقات
إرسال تعليق