سيناريوهات ما بعد "الرصاص المصبوب"





التهديدات الإسرائيلة بشن عدوان جديد على غزة لم تتوقف منذ انتهت العملية العسكرية "الرصاص المصبوب" قبل ثلاثة أعوام، فأي سيناريوهات عدوانية تعدها إسرائيل للمواطنين المدنيين المحاصرين في غزة في ظل عدم ملاحقة "مجرمي الحرب"؟
مركز عكا للدراسات الإسرائيلية ذكر أن "الرصاص المصبوب" وهو الاسم الذي أطلقته إسرائيل على عدوانها الأخير في غزة نهاية عام 2008 ؛ فرض أموراً على "الصعيد العملياتي على الاحتلال والمقاومة"، موضحا أن "تكتيك الاستنزاف قد توقف من خلال "الإجتياحات والتوغلات" الإسرائيلية المتكررة ضد قطاع غزة.
وقال المركز في دراسة له: "فصائل المقاومة أصبحت أكثر اقتناعاً من أي وقت مضى بأن المواجهة مع الاحتلال يجب ألا تكون مواجهة استنزاف يومي تكون هي الخاسر الأكبر فيه على الصعيد البشري".
ورأى أن تلك الفصائل بدأت تفكر باتجاه "الانتقال من "مرحلة الاستنزاف إلى مرحلة المواجهة الحاسمة" التي لا تحصل إلا من فترة لأخرى، لافتا إلى أن أكثر الفصائل الفلسطينية التي أخذ هذا التفكير بها هذا المأخذ هي حركة "حماس".
وكان قائد عسكري إسرائيلي أعلن قبل عدة أيام عن "جاهزية الجيش الإسرائيلي لشن حرب جديدة على قطاع غزة" . وهدد العقيد تال هيرموني بشن عملية عسكرية ثانية "مؤلمة" في قطاع غزة على غرار عملية الرصاص المصبوب "إذا دعت الضرورة إلى ذلك" وفق تصريحات أدلى بها.
ويبدو من خلال متابعة التقارير الإعلامية الإسرائيلية وتصريحات المسئولين العسكريين وكذا تصريحات المقاومة الفلسطينية أن الطرفين "يديران معركة التجهيز للمرحلة القادمة على كل الصعد، و أن كلا الطرفين قد امتلك أسلحة جديدة من شأنها إلحاق الضرر بالطرف الآخر" وفق مركز عكا.
تكتيكات جديدة..
ولكن ما التكتيكات المتوقعة إسرائيليا على صعيد شن عدوان جديد على غزة؟
القناعات السابقة لكلا الطرفين حولت تكتيك الاحتلال وتكتيك المقاومة (القائم غالبا على رد الفعل) من مرحلة الاستنزاف إلى مبدأ "المواجهة المحدودة"، كما استخدمت قوات الاحتلال تكتيك "الإحباط الموضعي".
ويرى "مركز عكا" أن تكتيك قوات الاحتلال بعد "الرصاص المصبوب" بدأ يأخذ منحيين، هما : الرد على أعمال  المقاومة المنطلقة من غزة، والإحباط الموضعي من خلال الهجوم الإستباقي، ثم الحرب النفسية بادعاء أن العدوان على غزة سيكون "قريباً".
وكانت صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية نشرت تقريراً صادرا عن "قيادة الجبهة الداخلية" حول جاهزية الاحتلال لمواجهة صواريخ المقاومة الفلسطينية.
وجاء التقرير على خلفية دعوات مؤيدة لعملية برية ضد غزة وصلت لوزارء داخل حكومة نتنياهو دعوا إلى الخروج لعملية "الرصاص المصبوب 2"، لكن المشكوك فيه لدى الجيش الإسرائيلي ما إذا كان سكان المستوطنات القريبة من قطاع غزة سيجدون ملجأ أم أن منظومة القبة الحديدية قادرة على حمايتهم؟
ويبدو أن تكتيك الاحتلال الذي مارسه بعد "الرصاص المصبوب" سيبقى على حاله إلا إذا "تطورت الأمور وتدهورت لتأخذ شكل المواجهة الشاملة"، وهو أمرُ يستبعده المركز في هذه المرحلة.
وبخصوص الرد على أعمال  المقاومة التي تنطلق من غزة، أوضح المركز أن جيش الاحتلال يرد عبر سلاح الجو غالباً على أهداف فلسطينية، لافتا إلى أن "المواجهات" تأخذ شكل "التصعيد المحدود القائم.
وفيما يتعلق بأعمال جيش الاحتلال العدوانية فتأتي بحسب إدعاء قوات الاحتلال في إطار "الإحباط الموضعي والهجومي الإستباقي".
وتركز قوات الاحتلال في هجماتها على قصف وتدمير أنفاق وقصف مطلقي الصواريخ أثناء محاولة الإطلاق أو قبلها أو بعدها، إضافة إلى استهداف من يدعي أنهم يدبرون لعمليات ضد "الإسرائيليين"، فيما تبادر قوات الاحتلال عقب كل عملية اغتيال إلى الإعلان أن الاستهداف كان لإحباط عمل معاد والهدف "تبرير ساحته أمام الرأي العام من عمله العدواني".
حرب من نوع آخر..!
وجاء في دراسة مركز عكا أنه على الرغم من أن الاحتلال يسعى خلال كل "جولة تصعيد" إلى جعل وتيرة التصعيد منخفضة عبر التجاوب مع وساطات مبعوث الأمم المتحدة قُبيل الثورة المصرية، أو مع الوساطة المصرية؛ إلا أنه يعمد أيضاً إلى "خفض وتيرة التصعيد أو منع التصعيد أصلاً من خلال الحرب النفسية التي يشنها على أهل غزة بالقول أن هناك ضوء أخضر لرفع وتيرة العمليات".
ولا تتوقف تصريحات قادة الاحتلال على التهديد بأن "الحرب على غزة لا مناص منها"، وأن ""لا مفر من جولة قتال ثانية في قطاع غزة" لكن ما يأسف له مركز عكا في هذا الإطار هو تعاطي الإعلام الفلسطيني مع مثل هذه التصريحات "بتجرد دون تحليل ما يؤدي إلى مساهمته في تصعيد الحرب النفسية ضد المواطنين".
ولعل التعقيدات الكبيرة التي فرضها الربيع العربي على الإسرائيليين، خصوصاً على المستوى السياسي يكشف عن أن تلك التصريحات والتهديدات تأتي في إطار "تقدير الموقف العسكري لدى الجيش المقيد بقيود المستوى السياسي الإسرائيلي التي فرضها عليه الربيع العربي" وفق المركز.

تعليقات