سياسيون وقانونيون:
توجه السلطة إلى الأمم المتحدة
يشكل خطرا على مكتسبات
المنظمة وحق العودة
لندن/ محسن الإفرنجي:
أبدى باحثون سياسيون وقانونيون تخوفهم الشديد من
إقدام السلطة الفلسطينية على التوجه إلى الأمم المتحدة للحصول على العضوية الكاملة
فيها كدولة مستقلة، داعين السلطة إلى الحفاظ على الاعترافات والمكتسبات التي
حققتها منظمة التحرير الفلسطينية "لا نسفها من خلال التوجه مجدداً إلى الأمم المتحدة".
وأكدوا على ضرورة عدم الاقتراب من حق العودة للاجئين
الفلسطينيين، محذرين من خطورة اتخاذ خطوات هامة "بصورة متفردة" دون أن
تحظى بالإجماع الوطني"، ومن الإصرار على مواصلة المفاوضات مع إسرائيل رغم
الاعتراف "بفشلها".
وكان مركز العودة الفلسطيني ومقره لندن ومنظمة
"ثابت" لحق العودة في لبنان وتجمع العودة الفلسطيني "واجب" في
سوريا اختتموا الأسبوع الماضي ورشة عمل في العاصمة اللبنانية بيروت "اللاجئون
الفلسطينيون وحق العودة: بين اتفاق أوسلو والاعتراف بالدولة الفلسطينية" بحضور
شخصيات لبنانية وفلسطينية وعدد من المتخصصين على المستوى المحلي والإقليمي والدولي.
واعتبر ماجد الزير مدير عام مركز العودة توجه السلطة
إلى مجلس الأمن لطلب الاعتراف بدولة فلسطينية على حدود 1967،بأنه "يثير العديد
من التساؤلات والمخاوف حول حق العودة ،ومستقبل منظمة التحرير "، مشدداً على أهمية
الحوار الشعبي للخروج برؤية واضحة، يكون أساسها "استعادة الحقوق المشروعة للشعب
الفلسطيني وعلى رأسها حق العودة".
وقال الزير: إن "النتائج السلبية لاتفاق أوسلو على
القضية الفلسطينية طغت عما سواها" محملاً السلطة الوطنية عواقب نتائج تفردها باتخاذ
القرارات نيابة عن الشعب الفلسطيني.
وناقشت ورشة العمل التي قسمت إلى جلستين إحداهما قانونية
والأخرى سياسية العديد من المحاور التي تضمنت مراجعة سياسية وقانونية لتوجه السلطة
الفلسطينية إلى الأمم المتحدة الأسبوع القادم.
اعتراف يقود إلى تنازلات
واستبقت الولايات المتحدة توجه السلطة الفلسطينية
إلى الأمم المتحدة بتقديم 30 نائبًا في الكونغرس الأمريكي، يتقدمهم النائب الجمهوري
"جو وولش" مشروع قانون يؤيد قيام إسرائيل بضم الضفة الغربية إليها، في حال
قدمت السلطة طلبا إلى الأمم المتحدة للاعتراف بالدولة الفلسطينية.
الباحث د. محمد المجذوب تحدث عن الإجراءات القانونية
لقبول فلسطين في هيئة الأمم المتحدة، مستعرضا نماذج عديدة لدول سبق أن ذهبت للأمم المتحدة
لطلب الاعتراف بها كعضو فيها.
وقال: إن "المسؤولين الفلسطينيين يعلمون أن إقامة
دولة على جزء من أرض فلسطين يعني الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، وهذا التنازل سيقود لتنازلات أخرى منها إلغاء وشطب حق العودة".
وأضاف: "لا يحق لأي جهة أو مؤسسة أو نظام أن يتحدث
باسم الشعب الفلسطيني ويتخذ القرارات المصيرية بدلاً عنه".
أما د.أنيس قاسم فاعتبر أن توجه الرئيس محمود عباس إلى
مجلس الأمن للاعتراف بالدولة الفلسطينية كمن "يؤدي صلاة الاستسقاء ليهطل المطر"،
متناولا مراحل دخول منظمة التحرير الفلسطينية إلى الأمم المتحدة والمكاسب التي استطاعت
المنظمة تحقيقها من خلال اعتراف الأوربيين وجامعة العربية ودول عدم الانحياز بها.
وقال د.قاسم: "استطاعت المنظمة أن تنتزع عام
1974 اعتراف الأمم المتحدة وأن تكون فيها عضواً بصفة مراقب، مع المشاركة لاحقاً في
المؤتمرات التابعة للأمم المتحدة واعتراف أكثر من 108 دول في تلك المرحلة بالدولة الفلسطينية"،
مشددا على أن الأجدر بالسلطة "الحفاظ على هذه الاعترافات لا نسفها من خلال التوجه
مجدداً إلى الأمم المتحدة".
قانونية الاعتراف
بالدولة
من ناحيته قال الدكتور شفيق المصري: " السلطة ارتكبت
خطأ جسيما بالتوجه إلى هيئة الأمم المتحدة لأن مجلس الأمن سيرفض طلبها، لأنها ببساطة
سلطة غير مستوفية للشروط المطلوبة لقيام دولتها" متطرقا إلى الوضع القانوني للاعتراف
بالدولة الفلسطينية وأثره على قضية اللاجئين وحق العودة.
لكن د. المصري رأى ضرورة "عدم الربط بين محاولة
الحصول على الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية والابقاء على المفاوضات مع إسرائيل،
لأنها غير معنية بقيام دولة فلسطينية، ولا بحل نهائي مع الفلسطينيين".
وشدد على أهمية عدم التفريط بالقرار 194 حول عودة اللاجئين
والتمسك برعاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" لأنهما
"الضمانة والحماية لحقوق الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج" بحسب
المصري.
رؤية سياسية نقدية
الجلسة الثانية التي ترأسها علي هويدي مدير منظمة ثابت
لحق العودة، ناقشت البُعد السياسي من خلال عدة محاور حيث تحدث جواد الحمد عن حق العودة
وأهميته بالنسبة للشعب الفلسطيني وتمسكهم بأرضهم وعدم الاعتراف بالوجود اليهودي على
أرض فلسطين.
وقال الحمد: "حق اللاجئين لم يذكر في أي اتفاقية
كتبت إلى اليوم وهذا الحق لم يكن واردا في تفكير المفاوض الفلسطيني" مستعرضا بعض
البنود التي وردت في اتفاقية أوسلو وكامب ديفيد وواي ريفير ووادي عربة المتعلقة باللاجئين
وعودتهم إلى ديارهم، والتي تؤكد على "العمل على أساس التعويض والتوطين لا العودة".
أما الدكتور محسن صالح مدير مركز الزيتونة للدراسات فقدم
ملاحظاته عن اتفاقية أوسلو، ومنها أن هذه الاتفاقية أخرجت فيها إسرائيل أراضي عام 48 وغرب القدس من دائرة التفاوض
وحصرت الصراع على أراضي قطاع غزة والضفة الغربية.
وقال د. صالح: "من مساوئ أوسلو أيضاً اعتراف منظمة
التحرير بإسرائيل بينما لم تعترف هي بالوجود الفلسطيني على أراضي 48، كما تعهدت المنظمة
بالتوقف مطلقاً عن أي شكل من أشكال المقاومة والكفاح المسلح وألزمها الاتفاق إتباع
السلوك السلمي".
وأشار إلى أن اتفاقية أوسلو لم تتطرق لحق تقرير المصير
بالنسبة للشعب الفلسطيني، مؤكدا أن القضايا الجوهرية باتت "مرتبطة بالموقفالإسرائيلي
مثل :الحدود، والسيادة، والمياه، والمستوطنات، وحق العودة".
وبعد مرور 18 عاما على اتفاقية أوسلو لم تتم مناقشة هذه
القضايا بل "ترحلت إلى مفاوضات الحل النهائي كما أن السلطة الفلسطينية عندما أقرت
هذه الاتفاقية لم تقف على رأي الشعب الفلسطيني" وفق د.صالح.
لكن ثمة من يرى أن "الجهد الذي تبذله السلطة الفلسطينية
الآن للحصول على الاعتراف بالدولة الفلسطينية كان الأجدر أن تدخره لقضايا أكثر حساسية
وجوهرية مثل قضية الاستيطان والقدس وعودة اللاجئين" حسب جابر سليمان.
وتساءل سليمان: "لماذا تعارض إسرائيل والولايات
المتحدة ذهاب السلطة الفلسطينية إلى الأمم المتحدة؟" موضحا أن طلب الاعتراف بالدولة
الفلسطينية "ستكون مرجعيته الأمم المتحدة وإسرائيل تعارض أية مرجعية دولية للفلسطينيين".
تعليقات
إرسال تعليق