دراسة: تغلغل إسرائيلي في القارة السوداء للخروج
من دائرة العزلة العربية
حذرت دراسة من زيادة التغلغل الإسرائيلي في القارة
الأفريقية مؤكدا على ضرورة مواجهته عبر توثيق العلاقات الإفريقية العربية وإنهاء الخلافات
بهذا الصدد بما يضمن خدمة المصالح المشتركة والتنبه لمسألة "تمايز الأعراق واختلاف
الأديان في المجتمعات الإفريقية والعربية التي وظفتها إسرائيل لخدمة أهدافها ومصالحها.
واعتبرت الدراسة أن الحرص الإسرائيلي على إقامة علاقات
مباشرة أو غير مباشرة مع السودان "كنموذج للقارة الأفريقية" تركّز من خلال
استراتيجية أساسية مفادها أن "توثيق العلاقة مع الدول الإفريقية سيوفر مخرجاً
لإسرائيل من العزلة في المنطقة العربية، عبر إيجاد قواعد وعلاقات تجارية وسياسية وأمنية
تشكل
بديلاً عن العلاقة مع الأطراف العربية".
الدراسة التي أعدها الباحث عامر خليل عامر وحملت
عنوان "السياسة الخارجية الإسرائيلية تجاه إفريقيا: السودان نموذجا"
أصدرها حديثا مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات ببيروت، وتناولت الأطماع الإسرائيلية
في الماء والنفط السوداني، وتوظيف إسرائيل للعلاقة مع السودان في عهد الرئيس السابق
جعفر النميري في تهجير يهود الفلاشا.
وكانت الحكومة الإسرائيلية وحكومة جمهورية جنوب السودان
الجديدة أعلنتا عن إقامة علاقات دبلوماسية بينهما، على أن يتم بحث الجوانب العملية
للعلاقات، بما في ذلك اعتماد السفراء، خلال الفترة القادمة عبر القنوات الدبلوماسية
القائمة.
وسارعت إسرائيل إلى إيفاد مجموعة من رجال الأعمال الإسرائيليين
والخبراء في عدة مجالات إلى جوبا عاصمة جنوب السودان، لغرض "استكشاف إمكانيات
الاستثمار هناك والتعاون المشترك بخصوص القضايا الأمنية مثل التدريب العسكري والاستخباري
وتوفير الحراسة لمؤسسات تجارية وحكومية وغيرها.
وكان أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، المختص في الشئون الأفريقية د. حمدي عبد الرحمن وصف السياسة الإسرائيلية في أفريقيا بقوله: "إسرائيل في إفريقيا.. تغلغل على حساب العرب وضد إيران ، ولعل ما يفتح الطريق أمام عودة إسرائيل إلى إفريقيا هذه المرة هو تراجع الدور العربي ولاسيما المصري في إفريقيا".
تعاون مبكر..!
واستعرضت الدراسة تاريخ علاقة إسرائيل مع السياسيين السودانيين،
التي تشير إلى أنها "بدأت في وقت مبكر من عقد خمسينيات القرن الماضي".
وكانت الحركة الشعبية بزعامة "جون غارانغ"
تتلقى دعما عسكريا ولوجستيا من إسرائيل لمساعدتها في قتال قوات الخرطوم، وتطورت
تلك العلاقات بعد أن أصبح جنوب السودان جمهورية مستقلة، لتصبح على مستوى دبلوماسي.
وقال الباحث عامر: "تداعيات السياسة الخارجية الإسرائيلية
تجاه إفريقيا والسودان ما زالت تهدد أمن العرب في البحر الأحمر وثرواتهم من النفط والماء،
حيث ترنو إسرائيل إلى دول حوض النيل وتحاول التأثير على مجرى نهر النيل".
وأضاف: "الاكتشافات النفطية في جنوب السودان وغربه
زادت من المخاطر التي تهدد الأمن الاقتصادي العربي، فيما يجعل الوجود الإسرائيلي في
البحر الأحمر العديد من الدول العربية في معرض التجسس والرقابة الإسرائيلية المباشرة".
وذكرت بعض التقارير أن إسرائيل تقيم علاقات دبلوماسية مع 46 دولة أفريقية من مجموع دول القارة البالغ عددها 53 دولة، منها 11 دولة بتمثيل مقيم بدرجة سفير وسفارة، و33 بتمثيل غير مقيم، ودولة واحدة بتمثيل على مستوى مكتب رعاية مصالح، ودولة واحدة أيضاً بتمثيل على مستوى مكتب اتصال، علما بأن ل"إسرائيل" 72 سفارة و13 قنصلية، و4 بعثات خاصة على مستوى العالم.
تفتيت سياسي وأمني
وتناقش الدراسة السياسة الخارجية الإسرائيلية تجاه إفريقيا،
وأهدافها في ضوء المراحل المختلفة التي مرت بها العلاقات الإفريقية الإسرائيلية صعوداً
وهبوطاً، ووسائل تنفيذ تلك السياسة والمؤسسات التي تشرف على تطبيقها.
وقد احتلت القارة الإفريقية "مكاناً متقدماً في
سلم أولويات الحركة الصهيونية منذ تأسيسها، وخاصة للتأثير على الأمن المائي العربي،
وتهديد الملاحة العربية في البحر الأحمر" ومنع تحوله إلى بحيرة عربية، وإضعاف
التأييد الإفريقي للقضايا العربية.
وتطرق الباحث عامر إلى دور إسرائيل في تفتيت السودان
من خلال علاقاتها مع حركة تحرير جنوب السودان والدعم الكبير الذي قدمته لها في مراحل
مختلفة، وصلة زعيم الحركة جون قرنق بإسرائيل وزياراته المتعددة لها، مشيراً إلى دور
دول الجوار التي لها علاقات مع إسرائيل، مثل أوغندا وأثيوبيا وزائير وكينيا، كقواعد
متقدمة للنفاذ إلى جنوب السودان.
و في سياق التفتيت تناول قضية دارفور والدور الإسرائيلي
فيها، ومواقف القيادات الإفريقية وتأثير اللوبي اليهودي في دفع دارفور إلى سلّم الاهتمام
العالمي ومائدة مجلس الأمن الدولي.
ودعا الباحث إلى مساعدة الأفارقة الذين يعانون الفقر
الشديد في ظلّ الحروب والصراعات غير المتوقفة، التي تستغلها إسرائيل للنفاذ إلى العمق
الإفريقي وتأجيج الصراعات فيها لتبقى جميع الدول في حاجة لعونها ومساعدتها، وخاصة في
مجال السلاح.
تعليقات
إرسال تعليق