تركيا ترد على "بالمر" بمعاقبة إسرائيل



مانشستر/ محسن الإفرنجي:
أربكت الخطوات التركية إسرائيل التي بدأت تشعر أن الأمر "جد لا هزل فيه وليس مجرد تصريحات جوفاء" كما وصفوها؛ خاصة بعد تنفيذ أولى الخطوات بطرد السفير الإسرائيلي وتجميد كل الاتفاقيات العسكرية رداً على رفض الاحتلال الاعتذار عن جريمة قتل نشطاء أتراك  بشكل رسمي.
وفجر تقرير الأمم المتحدة الذي تم تسريبه وذكر أن "حصار إسرائيل البحري لغزة قانوني لكن هجومها على سفينة مرمرة التركية التي حاولت كسر الحصار استخدمت فيه قوة مفرطة فقط" الأزمة بصورة أكبر وفتح باب الصراع على مصراعيه بينهما.
ورغم أن تعليقات الصحف العبرية أجمعت على أن "الأزمة مع تركيا تزيد من عزلة إسرائيل في المنطقة وتفتح الطريق أمام تعرض مسؤوليها السياسيين والعسكريين إلى دعاوى قضائية دولية"، إلا أن بنيامين نتانياهو رئيس حكومة الاحتلال يصر على رفض تقديم اعتذار لتركيا.
وكانت الوحدة البحرية الإسرائيلية قتلت تسعة نشطاء ومتضامنين أتراك أواخر أيار من العام الماضي إثر مهاجمتهم سفينة أسطول الحرية التي تقل نشطاء متوجهين إلى غزة للتضامن مع سكانها المحاصرين وتزويدهم ببعض المساعدات الإنسانية.
استقطاب وتأييد
وفي مواجهة الموقف الإسرائيلي المدعوم بالقرار الأممي "غير المسبوق"؛ فإن الموقف التركي استقطب اهتمام وتأييد العديد من الأطراف العربية من بينها منظمة التحرير الفلسطينية والجامعة العربية، إضافة إلى منظمة التعاون الإسلامي وعدد من الهيئات الدولية.
وكانت السلطة الفلسطينية أكدت في بيان أصدرته أنها "ستنسق مع الحكومة التركية عبر التوجه إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي، للطعن في تقرير الأمم المتحدة، الذي اعتبر الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة أمرا مشروعا وقانونيا".
لكن ثمة خطوات أخرى بدأت تحضر لها تركيا لمعاقبة الاحتلال على ما وصفته بـ"جريمة قتل النشطاء الأتراك" ورفض الاعتذار الرسمي، ومن بينها إعلان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان نيته زيارة قطاع غزة، بعد زيارة قريبة لمصر وهو ما حذرت منه إسرائيل ووصفته بأنه "خطأ دبلوماسي كبير".
ملاحقة جنود الوحدة البحرية!
ورأى محللون سياسيون في أحاديث منفصلة لـموقع "المجد.. نحو وعي أمني" أن "تركيا تتجه لتنفيذ خطوات كبيرة للضغط على دولة الاحتلال تشمل سلسلة أعمال سياسية واقتصادية وأمنية استخبارية وعسكرية".
وأوضح المحللون أن العمل الأمني الاستخباري ضد الجنود الإسرائيليين منفذي الهجوم على أسطول الحرية وسفينة مرمرة "سيكون في المقام الأول المستهدف حال سفرهم خارج إسرائيل" مؤكدين أن تركيا ستتخذ عدة خطوات من ضمنها التشجيع لارسال أسطول حرية جديد بعدما منع الاحتلال الأسطول الثاني من الوصول إلى شواطيء غزة المحاصرة للعام الخامس على التوالي.
ليس هذا فحسب بل ذهب المحللون إلى حد إقدام تركيا على "تنفيذ عمليات استخبارية وأمنية مثل عمليات خطف واعتقال لعناصر من وحدة "شيطيت 13" البحرية التي نفذت الهجوم على الأسطول".
وكان جنود من وحدة الكوماندوز الخاصة" شيطيت"13 في سلاح البحرية الإسرائيلية تلقوا قرارا بإغلاق حسابهم على "الفيس بوك"، إثر تخوفات أبدتها قيادة قوات الاحتلال للكشف عن شخصياتهم بعد اشتراكهم في عملية اقتحام سفن الحرية.
ولعل "العقيدة الإستخبارية الأمنية التركية التي دخلت في تحالفات عسكرية وأمنية خارجية منذ عقود, أدت إلى توسيع المجال الاستخباري الإقليمي والدولي, لنشاط جهاز المخابرات التركي" وفق الموقع المتخصص في القضايا الأمنية الذي شدد على أن تركيا ستعمل خلال الفترة المقلبة على "رد كرامة الشعب التركي".
أزمة متصاعدة..!
لكن محلل موقع "المجد الأمني" رأى أن الأزمة التركية الإسرائيلية هي في حالة "تصاعد في ظل التعنت الإسرائيلي مع احتمال اشتعال حرب خفية بين الدولتين تتحدد اتجاهتها في السياسية والأمن والاقتصاد".
وتجاوز حجم التجارة المتبادلة بين تركيا وإسرائيل مليارات الدولارات سنوياً، غير أن توتر العلاقات بينهما " سيؤثر على إسرائيل" بشكل ملحوظ دون التأثير على تركيا التي تتمتع بعلاقات تجارية مع جميع بلدان العالم.
وكانت صحيفة "حريت" التركية، نقلت عن مسئول تركي قوله: "إن شرق البحر المتوسط ليس منطقة تستطيع قوات البحرية الإسرائيلية أن تجري تدريبات فيها وأن تهدد وسائل النقل البحرية المدنية".
ورأى محللون أن دولة الكيان ستكون الخاسر الحقيقي في هذه المواجهة لأنها لا يمكن أن تخسر أحد أصدقائها النادرين في العالم الإسلامي، فيما يشهد العالم العربي حالة من الغليان.
ولا تلوح في الآفاق أي إمكانية لعودة العلاقات التركية – الإسرائيلية إلى سابق عهدها، وهو ما اتعبره المحللون السياسيون والمراقبون "خسارة وضربة لإسرائيل أكثر من كونها خسارة لتركيا"، ويبدو أن لعنة حصار غزة ستظل تطار إسرائيل في كل المحافل حتى يتم فك الحصار بصورة شاملة.

تعليقات