غزة – محسن الإفرنجي:
توقفت سيارة الإسعاف المتوجهة من قطاع غزة باتجاه أحد المشافي الإسرائيلية لنقل مريضة مصابة بالسرطان تحتاج إلى عملية جراحية معقدة أمام حاجز بيت حانون العسكري الإسرائيلي ، وقد ترجل السائق و الممرض المرافق للمريضة حتى إتمام عمليات التفتيش للسيارة و رغم التنسيق المسبق صدر القرار لهم بالعودة إلى غزة مع المريضة التي جاؤا بها.
هذه الحالة تكررت مرارا مع المرضى و المصابين وأصحاب الحالات الإنسانية في ظل الحصار الإسرائيلي الخانق المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من أربعة أعوام ، حتى أصبحت حالة المعابر بالنسبة للغزيين مثل "حالة الطقس الجوي" وأكثر ففي اليوم الذي تعلن فيه قوات الاحتلال عن فتح أحد المعابر تعاود بعد ساعات إغلاقه.
و"على عكس مزاعمها بإجراء تسهيلات، استمرت بفرض الإغلاق الشامل على كافة معابر قطاع غزة الحدودية، التجارية وتلك المخصصة لحركة وتنقل سكان القطاع المدنيين" وفق المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان.
وأدى استمرار إحكام حالة الحصار والخنق الاقتصادي والاجتماعي لأكثر من 1,5 مليون فلسطيني، إلى ارتفاع حدة الفقر والبطالة إلى معدلات غير مسبوقة، واستمرار تدهور المستوى المعيشي للسكان، وتزايد النقص في السلع الأساسية، وارتفاع كبير في الأسعار، خاصة في احتياجات القطاع الضرورية من مواد البناء.
لكن هذه الصورة لا تلخص تفاصيل حكاية المعاناة التي يكابدها المرضى و الطلبة و التجار و أصحاب المصالح المختلفة وحتى الدبلوماسيين فثمة صور لا يمكن حصرها أبلغها حكايات المرضى مع "معبر الموت" كما يسمونه.
طريق الآلام
ولم يكن الشاب المريض عائد رفيق زيادة، (26 عاماً)، يتصور أنه بدلا من السماح له بالمرور عبر معبر بيت حانون (إيرز) شمال قطاع غزة، للعلاج سينتهي به المطاف في زنازين السجن حيث تم استدعاؤه من قبل المخابرات الإسرائيلية لإجراء مقابلة للبحث في طلبه تصريح الخروج لتلقي العلاج غير أن رحلته انتهت في سجن عسقلان .
ووفقا للتحقيق الميداني الذي أجراه مركز الميزان تبين أن المريض زيادة كان قد تقدم بطلب للحصول على تصريح للوصول إلى مستشفى مدينة الحسين الطبية في الأردن، ثم تلقى اتصالاً هاتفياً من مكتب تنسيق الصحة التابع لوزارة الصحة مساء الرابع و العشرين من الشهر الماضي لإبلاغه بأن المخابرات الإسرائيلية استدعته للمقابلة في معبر بيت حانون في صباح اليوم التالي. وعند حوالي الساعة 9:30 من صباح ذلك اليوم وصل المريض إلى المعبر، "لكنه لم يعد منه إلى منزله وعند حوالي الساعة الثامنة من مساء اليوم نفسه تلقى والد المريض اتصالاً هاتفياً أبلغته المخابرات الإسرائيلية فيه بأن أبنه معتقل في سجن عسقلان " وفق الميزان.
وقال والد المريض زيادة لمركز الميزان لحقوق الإنسان "ابني يعمل في الشرطة الفلسطينية، كان قد أُصيب بتاريخ 18/12/2006 بعيار ناري في البطن أدى إلى تقطع في أمعائه، وتم حينئذٍ تحويله في نفس اليوم إلى مستشفى سوروكا في إسرائيل لتلقي العلاج.
و مكث في المستشفي لمدة عشرة أيام، أجريت له خلاها أربع عمليات جراحية. وكان من المقرر له مراجعة المستشفى بعد ستة أشهر من إجراء العملية الجراحية، وكذلك إجراء عملية جراحية أخرى تجميلية لبطنه".
وبعد أن تقدم بطلب للحصول على تصريح لمراجعة نفس المستشفى في منتصف عام 2007، حصل عليه خلال شهر أغسطس من نفس العام لكن عند وصوله إلى معبر بيت حانون تعرض للتحقيق معه، ثم أمرته السلطات الإسرائيلية بالعودة إلى قطاع غزة دون السماح له بالوصول إلى المستشفى.
وفي إطار "الاستغلال الإسرائيلي الصارخ لوضع المرضى اليائس، وتحويل العلاج الطبي إلى أداة لخدمة جهاز الأمن و الوصول المشروط للمرضى من قطاع غزة إلى المستشفيات خارج القطاع لتلقي العلاج" تتواصل معاناة المرضى الغزيين بلا هوادة.
و هذه ليست الحالة الأولى التي تعتقل فيها قوات الاحتلال مرضى بعد إبلاغهم بأن عليهم الحضور إلى مقابلة مع المخابرات كجزء من الفحص الأمني الذي يعد جزءاً من إجراءات استصدار تصاريح للمرضى، حيث تم اعتقال العديد من المرضى فيما تم مساومة غيرهم لابتزازهم في مقابل منحهم تصاريح للعلاج.
وشهدت الفترة الأخيرة انخفاضاً حاداً في عدد مرضى القطاع الذين سمح لهم بالسفر عبر المعبر، حيث سمحت السلطات المحتلة بسفر 350 مريضاً فقط، بمعدل يقل عن 20 حالة يومياً، أي بنسبة انخفاض وصلت إلى 60% عن المعدل الذي كان يسمح بدخولهم خلال العام 2006.
ولأهالي الأسرى نصيبهم..!
وثمة معاناة إنسانية أكثر إيلاما يشعر بمرارتها أهالي أسرى غزة المحرومين من زيارة و رؤية أبنائهم في سجون الاحتلال منذ أكثر من أربعة أعوام.
وكانت سلطات الاحتلال قد منعت أهالي نحو 800 معتقلاً، موزعين على جميع السجون الإسرائيلية من زيارة أبنائهم، منذ يوم 6/6/2007، دون إبداء أية أسباب لهذا الإجراء غير المبرر، الذي يتعارض مع قواعد القانون الدولي الإنساني، وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، الخاصة بحماية المدنيين في أوقات الحرب.
ولعل النداءات الإنسانية التي أطلقها مسئولون دوليون لم تلامس حتى الآن آذانا إسرائيلية خاصة في ظل عدم تحويل تلك النداءات إلى فعل ملموس على الأرض.
دعا النائب جمال الخضري رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار، المسئولين الدوليين إلى تحويل تصريحاتهم الداعية لإنهاء الحصار الإسرائيلي عن غزة إلى أفعال.
وأكد الخضري، في تصريح صحفي على "ضرورة اقتران هذه التصريحات بأفعال على أرض الواقع وتحركات عملية لإنهاء الحصار وفتح المعابر مشددا على أهمية ترجمة التصريحات والزيارات التضامنية لغزة ومواقف البرلمان الأوروبي وتوصيات تقرير غولدستون وريتشارد فولك إلى أفعال لكسر الحصار وفتح المعابر.
وكان رئيس مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في القدس المحتلة فيليب لازاريني وصف الوضع الإنساني في قطاع غزة بأنه "أزمة للكرامة البشرية".
وذكر أن غزة "لا تمر بأزمة إنسانية مثلما هو الحال في الصومال، بل يواجه القطاع أزمة هائلة للكرامة البشرية" لافتا إلى أن السكان أصبحوا فجأة معتمدين على المساعدات الإنسانية، إذ "يستفيد نحو 80 في المائة من سكان القطاع من المساعدات الدولية بشكل أو بآخر".
ليتها لم تصل..!
حكاية أخرى من حكايات المعاناة و الخسائر الفادحة و لكن هذه المرة من نصيب التجار الغزيين الذين طالموا انتظروا وصول بضائعهم المستوردة من خلال المعابر الإسرائيلية ، وبعد أكثر من عامين وصلت و قال التجارة بمرارة "ليتها لم تصل".
وقف صلاح برغوث بأعصاب متوترة و هو يحدث نفسه "يا ترى كيف سيكون شكل بضاعتنا بعد أكثر من عامين من الحجز " حتى جاءه الجواب مسرعا "بضاعتك وصلت ولكن معظمها تالف لا يصلح لأي استخدام" وكانت عبارة عن ملابس و أحذية مستوردة من الصين.
وقال برغوث "بعد عامين من الانتظار وصلتنا حاويات البضائع بحالة رثة محزنة كئيبة تقطر خسائر رغم أننا كنا ندفع طيلة المدة نظير وجودها في الميناء و الضرائب وغير ذلك" موضحا أنها تعرضت للشمس الحارقة و الهواء والمطر وغيرها من الأجواء العاصفة مما أدى إلى إتلاف معظمها.
كما استمرت سلطات الاحتلال في خطواتها الهادفة لتكريس معبر كرم أبو سالم كمعبر رئيسي ووحيد لقطاع غزة، وأغلقت معبر ناحل عوز، المخصص لواردات القطاع من الوقود والمحروقات بشكل كلي حيث حولت السلطات المحتلة توريد تلك الاحتياجات من الوقود والمحروقات، بما فيها غاز الطهي، عبر معبر كرم أبو سالم، والذي لا يستجيب لتلبية الحد الأدنى من احتياجات السكان من غاز الطهي.
وقال مركز التجارة الفلسطيني "بال تريد" :"منذ أن سمحت إسرائيل لتجار القطاع الخاص باستيراد الملابس والأحذية اعتبارا من الرابع من ابريل نيسان دخلت 97 شاحنة مُعبأة بالبضائع إلى القطاع بمعدل عشر حاويات كل يوم.
وقدر المركز وجود نحو 650 حاوية تضم ملابس وأحذية موجودة في ميناء أشدود منذ ثلاثة أعوام أي منذ شددت إسرائيل قيودها بعد تولي حماس السيطرة على قطاع غزة.
وفي بداية السماح للحاويات بدخول غزة هذا الشهر اكتشف التجار أن بعض البضائع أصابها التلف في المخازن.
وقدر التاجر برغوث خسائره بأكثر من عشرين ألف دولار مشيرا إلى أن خسارته أقل بكثير من خسارة تجار آخرين مثل شركة حمزة أبو هلال لاستيراد الملابس الجاهزة والتي تمتلك 8 حاويات للملابس منذ عام 2007 و 2008 وجميعها في مخازن في الجانب الإسرائيلي.
انتظر صاحب الشركة و أولاده وصول البضاعة بلهفة وعند وصول البضاعة تفاجأ بكمية التلف الكبير التي أصابت البضاعة نتيجة سوء التخزين وتعرضها للشمس والشتاء لعدة سنوات متتالية.
وتشير دراسة أعدتها الغرفة التجارية الفلسطينية لمحافظات غزة بوجود ما يزيد عن ألف حاوية مخزنة في الموانئ الإسرائيلية ومخازن خاصة في إسرائيل والضفة الغربية من مختلف الأصناف غير المسموح لها بدخول قطاع غزة مثل ألعاب الأطفال , والأدوات المكتبية و القرطاسية , والأدوات المنزلية , والشنط المدرسية وغيرها.
وذكرت الدراسة أن قيمة هذه البضائع يزيد عن 100 مليون دولار أمريكي وبلغت تكلفة التخزين الخاصة بها على مدار ثلاث سنوات أكثر من 12 مليون دولار .
الحصار الإسرائيلي متواصل و متصاعد وليس كما " تحاول إسرائيل تضليل و خداع الرأي العام العالمي والإعلان عن خطوات صورية لتجميل نفسها أمام العالم" كما يقول رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار.
لكن هل ستبقى التصريحات المنددة بالحصار حبرا على ورق وبالونات لا تلبث أن تنفجر في الهواء ...؟!
توقفت سيارة الإسعاف المتوجهة من قطاع غزة باتجاه أحد المشافي الإسرائيلية لنقل مريضة مصابة بالسرطان تحتاج إلى عملية جراحية معقدة أمام حاجز بيت حانون العسكري الإسرائيلي ، وقد ترجل السائق و الممرض المرافق للمريضة حتى إتمام عمليات التفتيش للسيارة و رغم التنسيق المسبق صدر القرار لهم بالعودة إلى غزة مع المريضة التي جاؤا بها.
هذه الحالة تكررت مرارا مع المرضى و المصابين وأصحاب الحالات الإنسانية في ظل الحصار الإسرائيلي الخانق المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من أربعة أعوام ، حتى أصبحت حالة المعابر بالنسبة للغزيين مثل "حالة الطقس الجوي" وأكثر ففي اليوم الذي تعلن فيه قوات الاحتلال عن فتح أحد المعابر تعاود بعد ساعات إغلاقه.
و"على عكس مزاعمها بإجراء تسهيلات، استمرت بفرض الإغلاق الشامل على كافة معابر قطاع غزة الحدودية، التجارية وتلك المخصصة لحركة وتنقل سكان القطاع المدنيين" وفق المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان.
وأدى استمرار إحكام حالة الحصار والخنق الاقتصادي والاجتماعي لأكثر من 1,5 مليون فلسطيني، إلى ارتفاع حدة الفقر والبطالة إلى معدلات غير مسبوقة، واستمرار تدهور المستوى المعيشي للسكان، وتزايد النقص في السلع الأساسية، وارتفاع كبير في الأسعار، خاصة في احتياجات القطاع الضرورية من مواد البناء.
لكن هذه الصورة لا تلخص تفاصيل حكاية المعاناة التي يكابدها المرضى و الطلبة و التجار و أصحاب المصالح المختلفة وحتى الدبلوماسيين فثمة صور لا يمكن حصرها أبلغها حكايات المرضى مع "معبر الموت" كما يسمونه.
طريق الآلام
ولم يكن الشاب المريض عائد رفيق زيادة، (26 عاماً)، يتصور أنه بدلا من السماح له بالمرور عبر معبر بيت حانون (إيرز) شمال قطاع غزة، للعلاج سينتهي به المطاف في زنازين السجن حيث تم استدعاؤه من قبل المخابرات الإسرائيلية لإجراء مقابلة للبحث في طلبه تصريح الخروج لتلقي العلاج غير أن رحلته انتهت في سجن عسقلان .
ووفقا للتحقيق الميداني الذي أجراه مركز الميزان تبين أن المريض زيادة كان قد تقدم بطلب للحصول على تصريح للوصول إلى مستشفى مدينة الحسين الطبية في الأردن، ثم تلقى اتصالاً هاتفياً من مكتب تنسيق الصحة التابع لوزارة الصحة مساء الرابع و العشرين من الشهر الماضي لإبلاغه بأن المخابرات الإسرائيلية استدعته للمقابلة في معبر بيت حانون في صباح اليوم التالي. وعند حوالي الساعة 9:30 من صباح ذلك اليوم وصل المريض إلى المعبر، "لكنه لم يعد منه إلى منزله وعند حوالي الساعة الثامنة من مساء اليوم نفسه تلقى والد المريض اتصالاً هاتفياً أبلغته المخابرات الإسرائيلية فيه بأن أبنه معتقل في سجن عسقلان " وفق الميزان.
وقال والد المريض زيادة لمركز الميزان لحقوق الإنسان "ابني يعمل في الشرطة الفلسطينية، كان قد أُصيب بتاريخ 18/12/2006 بعيار ناري في البطن أدى إلى تقطع في أمعائه، وتم حينئذٍ تحويله في نفس اليوم إلى مستشفى سوروكا في إسرائيل لتلقي العلاج.
و مكث في المستشفي لمدة عشرة أيام، أجريت له خلاها أربع عمليات جراحية. وكان من المقرر له مراجعة المستشفى بعد ستة أشهر من إجراء العملية الجراحية، وكذلك إجراء عملية جراحية أخرى تجميلية لبطنه".
وبعد أن تقدم بطلب للحصول على تصريح لمراجعة نفس المستشفى في منتصف عام 2007، حصل عليه خلال شهر أغسطس من نفس العام لكن عند وصوله إلى معبر بيت حانون تعرض للتحقيق معه، ثم أمرته السلطات الإسرائيلية بالعودة إلى قطاع غزة دون السماح له بالوصول إلى المستشفى.
وفي إطار "الاستغلال الإسرائيلي الصارخ لوضع المرضى اليائس، وتحويل العلاج الطبي إلى أداة لخدمة جهاز الأمن و الوصول المشروط للمرضى من قطاع غزة إلى المستشفيات خارج القطاع لتلقي العلاج" تتواصل معاناة المرضى الغزيين بلا هوادة.
و هذه ليست الحالة الأولى التي تعتقل فيها قوات الاحتلال مرضى بعد إبلاغهم بأن عليهم الحضور إلى مقابلة مع المخابرات كجزء من الفحص الأمني الذي يعد جزءاً من إجراءات استصدار تصاريح للمرضى، حيث تم اعتقال العديد من المرضى فيما تم مساومة غيرهم لابتزازهم في مقابل منحهم تصاريح للعلاج.
وشهدت الفترة الأخيرة انخفاضاً حاداً في عدد مرضى القطاع الذين سمح لهم بالسفر عبر المعبر، حيث سمحت السلطات المحتلة بسفر 350 مريضاً فقط، بمعدل يقل عن 20 حالة يومياً، أي بنسبة انخفاض وصلت إلى 60% عن المعدل الذي كان يسمح بدخولهم خلال العام 2006.
ولأهالي الأسرى نصيبهم..!
وثمة معاناة إنسانية أكثر إيلاما يشعر بمرارتها أهالي أسرى غزة المحرومين من زيارة و رؤية أبنائهم في سجون الاحتلال منذ أكثر من أربعة أعوام.
وكانت سلطات الاحتلال قد منعت أهالي نحو 800 معتقلاً، موزعين على جميع السجون الإسرائيلية من زيارة أبنائهم، منذ يوم 6/6/2007، دون إبداء أية أسباب لهذا الإجراء غير المبرر، الذي يتعارض مع قواعد القانون الدولي الإنساني، وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، الخاصة بحماية المدنيين في أوقات الحرب.
ولعل النداءات الإنسانية التي أطلقها مسئولون دوليون لم تلامس حتى الآن آذانا إسرائيلية خاصة في ظل عدم تحويل تلك النداءات إلى فعل ملموس على الأرض.
دعا النائب جمال الخضري رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار، المسئولين الدوليين إلى تحويل تصريحاتهم الداعية لإنهاء الحصار الإسرائيلي عن غزة إلى أفعال.
وأكد الخضري، في تصريح صحفي على "ضرورة اقتران هذه التصريحات بأفعال على أرض الواقع وتحركات عملية لإنهاء الحصار وفتح المعابر مشددا على أهمية ترجمة التصريحات والزيارات التضامنية لغزة ومواقف البرلمان الأوروبي وتوصيات تقرير غولدستون وريتشارد فولك إلى أفعال لكسر الحصار وفتح المعابر.
وكان رئيس مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في القدس المحتلة فيليب لازاريني وصف الوضع الإنساني في قطاع غزة بأنه "أزمة للكرامة البشرية".
وذكر أن غزة "لا تمر بأزمة إنسانية مثلما هو الحال في الصومال، بل يواجه القطاع أزمة هائلة للكرامة البشرية" لافتا إلى أن السكان أصبحوا فجأة معتمدين على المساعدات الإنسانية، إذ "يستفيد نحو 80 في المائة من سكان القطاع من المساعدات الدولية بشكل أو بآخر".
ليتها لم تصل..!
حكاية أخرى من حكايات المعاناة و الخسائر الفادحة و لكن هذه المرة من نصيب التجار الغزيين الذين طالموا انتظروا وصول بضائعهم المستوردة من خلال المعابر الإسرائيلية ، وبعد أكثر من عامين وصلت و قال التجارة بمرارة "ليتها لم تصل".
وقف صلاح برغوث بأعصاب متوترة و هو يحدث نفسه "يا ترى كيف سيكون شكل بضاعتنا بعد أكثر من عامين من الحجز " حتى جاءه الجواب مسرعا "بضاعتك وصلت ولكن معظمها تالف لا يصلح لأي استخدام" وكانت عبارة عن ملابس و أحذية مستوردة من الصين.
وقال برغوث "بعد عامين من الانتظار وصلتنا حاويات البضائع بحالة رثة محزنة كئيبة تقطر خسائر رغم أننا كنا ندفع طيلة المدة نظير وجودها في الميناء و الضرائب وغير ذلك" موضحا أنها تعرضت للشمس الحارقة و الهواء والمطر وغيرها من الأجواء العاصفة مما أدى إلى إتلاف معظمها.
كما استمرت سلطات الاحتلال في خطواتها الهادفة لتكريس معبر كرم أبو سالم كمعبر رئيسي ووحيد لقطاع غزة، وأغلقت معبر ناحل عوز، المخصص لواردات القطاع من الوقود والمحروقات بشكل كلي حيث حولت السلطات المحتلة توريد تلك الاحتياجات من الوقود والمحروقات، بما فيها غاز الطهي، عبر معبر كرم أبو سالم، والذي لا يستجيب لتلبية الحد الأدنى من احتياجات السكان من غاز الطهي.
وقال مركز التجارة الفلسطيني "بال تريد" :"منذ أن سمحت إسرائيل لتجار القطاع الخاص باستيراد الملابس والأحذية اعتبارا من الرابع من ابريل نيسان دخلت 97 شاحنة مُعبأة بالبضائع إلى القطاع بمعدل عشر حاويات كل يوم.
وقدر المركز وجود نحو 650 حاوية تضم ملابس وأحذية موجودة في ميناء أشدود منذ ثلاثة أعوام أي منذ شددت إسرائيل قيودها بعد تولي حماس السيطرة على قطاع غزة.
وفي بداية السماح للحاويات بدخول غزة هذا الشهر اكتشف التجار أن بعض البضائع أصابها التلف في المخازن.
وقدر التاجر برغوث خسائره بأكثر من عشرين ألف دولار مشيرا إلى أن خسارته أقل بكثير من خسارة تجار آخرين مثل شركة حمزة أبو هلال لاستيراد الملابس الجاهزة والتي تمتلك 8 حاويات للملابس منذ عام 2007 و 2008 وجميعها في مخازن في الجانب الإسرائيلي.
انتظر صاحب الشركة و أولاده وصول البضاعة بلهفة وعند وصول البضاعة تفاجأ بكمية التلف الكبير التي أصابت البضاعة نتيجة سوء التخزين وتعرضها للشمس والشتاء لعدة سنوات متتالية.
وتشير دراسة أعدتها الغرفة التجارية الفلسطينية لمحافظات غزة بوجود ما يزيد عن ألف حاوية مخزنة في الموانئ الإسرائيلية ومخازن خاصة في إسرائيل والضفة الغربية من مختلف الأصناف غير المسموح لها بدخول قطاع غزة مثل ألعاب الأطفال , والأدوات المكتبية و القرطاسية , والأدوات المنزلية , والشنط المدرسية وغيرها.
وذكرت الدراسة أن قيمة هذه البضائع يزيد عن 100 مليون دولار أمريكي وبلغت تكلفة التخزين الخاصة بها على مدار ثلاث سنوات أكثر من 12 مليون دولار .
الحصار الإسرائيلي متواصل و متصاعد وليس كما " تحاول إسرائيل تضليل و خداع الرأي العام العالمي والإعلان عن خطوات صورية لتجميل نفسها أمام العالم" كما يقول رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار.
لكن هل ستبقى التصريحات المنددة بالحصار حبرا على ورق وبالونات لا تلبث أن تنفجر في الهواء ...؟!
تعليقات
إرسال تعليق