للعام الثاني ...غزة تتربع على عرش مجلس طلبة جامعة بريطانية


غزة - محسن الإفرنجي و إسراء المدلل:
كان حلما فخاطرا فاحتمالا ثم أضحى حقيقة لا خيالا...هكذا بدأت الحكاية من مجرد أمنية لطالب غزي كان يستعد للسفر إلى الخارج لمواصلة تعليمه العالي و حالت حواجز الحصار بينه وبين أمنيته حتى تحقق له ما يريد وزيادة.
الطالب خالد وليد المدلل سجل لنفسه ووطنه نقلة نوعية بدأت بأزقة مخيم الشابورة برفح جنوب قطاع غزة
وصولا إلى أروقة جامعة " برادفورد " البريطانية التي تربع على عرش مجلس طلبتها للعام الثاني على التوالي وسط منافسة حامية الوطيس وخصوم من كل مكان كونه عربيا و تحديدا فلسطينيا.


المدلل كان أحد الطلبة العالقين في قطاع غزة الذين حرمهم الحصار فرصة استكمال مسيرتهم التعليمية غير أنه تمكن من السفر بعد حملة "دعوا خالد يدرس"التضامنية معه التي حاز خلالها على تعاطف العديد من المؤسسات و الشخصيات الدولية والعربية وخاصة من طلبة جامعة "برادفورد " .
وامتدت أصوات الحملة إلى جامعات أخرى ومؤسسات من بينها المجلس الأعلى لمجالس بريطانيا "NUS" و الاتحاد العام للمجالس طلبة بريطانيا ومن ثم وصلت إلى البرلمان البريطاني حيث بادر أكثر من 63 نائبا بالتقيع على عريضة يطالبون فيها الحكومة بالتدخل لتمكين الطالب المدلل من العودة إلى رحاب جامعته .
وفي وقت لاحق أسس المدلل مع مجموعة من الطلبة العالقين في قطاع غزة حملة بعنوان "دعوا الفلسطينيين يدرسون" أسهمت في التعريف بقضية الطلاب العالقين على المستويات الرسمية والشعبية والإعلامية، وكذلك الضغط على صناع القرار لتسهيل التحاقهم بالجامعات خارج فلسطين، وهو ما تحقق لعدد من الطلبة.
ويعيش المدلل وهو نجل الدكتور وليد المدلل المحلل السياسي في بريطانيا منذ تسع سنوات، بعد أن أتم فيها المرحلة الثانوية ثم الكلية وبعد ذلك التحق بدراسة إدارة الأعمال بجامعة "برادفورد"، وهو الآن في مرحلة الماجستير.
سر الفوز الصعب..!
ولكن ما سر الفوز للطالب المدلل رغم شراسة المنافسة خاصة مع أحد المرشحين اليهودي الجنسية؟!
يقول المدلل عن ذلك : " ترشحت لانتخابات مجلس الطلبة لجامعة برادفورد لأول مرة وفزت على منافس يهودى وفي المرة الثانية فزت أيضا أمام منافس إنجليزي من أصل إفريقي ".
وأوضح أن ما شجع الطلبة لانتخابه هو شعاره الانتخابي " التغيير الإيجابي " .
وأضاف المدلل :" برنامجه كان واضحا وهدفه الأساس خدمة الطلبة وهو ما مكنني من إنجاز عدة مشاريع العام الماضي من بينها إقامة مطعم خاص بالأكل الحلال إضافة إلى سوبرماركت لخدمة طلبة الجامعة" علاوة على قدرته على مد جسور التواصل بين الطلبة و إدارة الجامعة على عكس السنوات السابقة التي سادتها علاقات " ضعيفة و متوترة ".
ولأول مرة خلال الفترة التي ترأس فيها مجلس الطلبة تجري العملية الانتخابية بصورة ديمقراطية " إلكترونية " ON LINE تسهيلا على الطلبة.
وردا لجميل مساندة طلبة الجامعة له أهدى المدلل الفوز لطلاب جامعة برادفورد " الذين وقفوا بوفاء إلى جانبي وأثبتوا حرصهم على صدق من يمثلهم ويعبر عن حقوقهم بصلابة ".
واعتبر فوزه " تعبيرا حقيقيا عن حالة وعي بالقضية الفلسطينية لدى فئة هامة وهي طلاب الجامعات في بريطانيا والغرب ".
التهديدات ثمن النجاح
وبالتأكيد فإن النجاح له ثمن خاصة إذا كان في بلاد لا تنفك عن وصف العرب و الفلسطينيين "بالإرهابيين" ويقول المدلل عن ذلك : "" كوني ناشطا عربيا مسلما و الأهم فلسطينيا وصلتني بعض التهديدات من أطراف مجهولة , إلى جانب مضايقات خلال العمل و الدراسة".
وتضاف التهديدات إلى قائمة المضايقات التي لا زال يواجهها الطالب الفلسطيني والتي بلغت أوجهها خلال الحملة الانتخابية " فبعض المعارضين المتعصبين ضد الإسلام و المسلمين رفعوا شعارات تدعوا الطلبة إلى عدم التصويت لطالب عربي مسلم لأنني بنظرهم أدعم الإرهاب ضد الغرب وكل ذلك هدفه تشويه صورتي بشكل خاص والمسلمين بشكل عام".
لكن ثمة تحد يزيد الفلسطيني اعتزازا بانتمائه الوطني و الديني حيث " اتسم حديثي مع الطلبة بكل مصداقية وصراحة, والتعريف على أنني فلسطيني كان يزيدني ثقة وقدرة أكبر على المواجهة ".
ولا تتوقف طموحات المدلل عن حد الفوز برئاسة مجلس طلبة جامعة إذ يضع ضمن خطته للعام 2011 استكمال لمشروع بناء للطلبة تبلغ تكلفته 7 مليون دولار وهو عضو في هذا المشروع .
ومن بين مشاريعه, الترتيب لزيارة طلبة بريطانيين لجامعات غزة وعلى رأسها الجامعة الإسلامية بهدف العمل على تعزيز التوأمة بين الجامعات البريطانية والفلسطينية التي بدأها بالفعل بخطوات عملية يتمنى أن تحقق ثمارها قريبا.
ولا تتوقف طموح المدلل عند هذا الحد فهو يضع نصب عينيه استثمار منصبه لتنفيذ العديد من الأنشطة والفعاليات والتواصل مع مجالس الطلبة في الجامعات البريطانية، ومع الجهات الرسمية في البرلمان والحكومة البريطانية، والسياسيين البريطانيين، لإيصال رسالة بلده وإبراز قضيته العادلة وفضح جرائم الاحتلال الإسرائيلي.
وإن كان له من رسالة يوجهها للطلبة العرب والمسلمين فيقول فيها : " أوطانكم تنتظر وتستحق منكم الكثير، فكونوا خير سفراء لها وأدوا الأمانة بحقها".
غزة محاصرة برا و بحرا و جوا لكن لا حصار على العقول و الإبداع الفلسطيني الذي تجاوز حدود الزمان و المكان والعبرة لمن يعتبر.

تعليقات