حمى الأمراض المستعصية تجتاح الأسرى المحررين ....وعدد من الوفيات بسببها


غزة - محسن الإفرنجي:
ماذا يحدث للأسرى الفلسطينيين بعد تحريرهم من سجون الاحتلال الإسرائيلي؟ ومن يحميهم من تبعات السجن وويلاته وأمراضه المستعصية؟ سؤال أثاره الباحث المختص بشؤون الأسرى عبد الناصر فروانة عقب وفاة عدد من الأسرى المحررين جراء إصابتهم بأمراض مزمنة خلال مدة اعتقالهم الطويلة في ظروف غير صحية بالمطلق.
وكان الأسير المحرر خميس كامل الفار ( 47 ) عاماً توفي مؤخرا بعد صراع مع مرض السرطان ( سرطان الرئة ) وهو متزوج وله ثلاث أبناء وبنت ، واعتقل أواخر العام 1989 ، وحكم عليه بالسجن المؤبد مرتين وعشرين عاماً ، وأطلق سراحه منتصف التسعينيات .
وقال الأسير السابق فروانة: "الحديث يدور عن وجود جيش من الأسرى المحررين الذين يعانون أمراضا خطيرة ومزمنة وخبيثة ورثوها عن السجون ، أو كان للسجون وآثارها ، أو للتعذيب وتوابعه ، وللإهمال الطبي ومخاطره سبباً رئيسياً في بروزها وظهورها عليهم بعد تحررهم ".
وأظهرت بعض الدراسات العلمية أن الأمراض المزمنة والمستعصية التي ظهرت وبدأت تظهر على الأسرى المحررين " لها علاقة بصورة دالة إحصائياً بخبرة السجن والتعذيب ومنهم من ظهرت عليهم الأمراض بعد سنوات من التحرر" .
حقول تجارب "قاتلة"
ومن بين الأسباب الرئيسة لتدهور أوضاعهم الأسرى الصحية إضافة إلى الإهمال الطبي سياسة إسرائيل القاضية "باستغلال الأسرى كحقول تجارب للأدوية المختلفة أو حقن الأسرى إبر مدمرة صحيا تظهر آثارها بعد سنوات".
وقال فروانة :" هذا ما يفسر ظهور أمراض خبيثة ومزمنة على عشرات الأسرى المحررين ، بشكل يدفع الأصحاء منهم للقلق والخشية على مستقبلهم وحياتهم في ظل انعدام الرعاية الصحية وعدم توفرها للجميع بشكل نموذجي ، وتوفرها للبعض بشكل تقليدي ونسبي" .
ومن بين الأسرى المحررين الذين رحلوا بعد خروجهم متأثرين بأمراض ورثوها عن السجون : فايز بدوي ، ومحمود أبو مذكور ، ووليد الغول ، وفريج الخيري ، وسعيد شملخ ، وسعيد شبات ، ومنصور ثابت ، وصالح دردونة ، وبشير الحوم ، ونافذ الخالدي ، وأحمد خضرة ،و ماجد الداعور ، ومسلم الدودة ،وفتحي أبو زناد ،إضافة إلى نبيل قبلان ، ومحمد انعيرات ، وفوزي عبود ، ومراد أبو ساكوت ، وعبد الرحيم عراقي من 48 ، هايل ابو زيد من الجولان ، والإعلامي حيدر الغول من لبنان وغيرهم وفق توثيق فروانة.
وحول الهدف الإسرائيلي من تلك السياسة أوضح أنها تسعى بكل السبل الممكنة "للانتقام من الأسرى وتحطيمهم نفسياً وانهيارهم جسدياً ، وتحويلهم بعد تحررهم إلى عالة على أسرهم ومجتمعهم ، عبر منظومة من الإجراءات والعقوبات كفيلة بتحويل الأسرى الأصحاء إلى مرضى".
وأضاف :"إذا طالت مدة السجن تتحول الأمراض إلى مزمنة ومستعصية يصعب علاجها ، بحيث تبقى تلازمهم داخل السجن أو بعد خروجهم من السجن" لافتا إلى أن جزءاً كبيراً من هؤلاء الأسرى انتقلوا الى رحمته تعالى جراء إصابتهم بتلك الأمراض ، وعدد كبير منهم لا يزال يرقد على أسرة المستشفيات يعاني من أمراض ، قد يكون للسجن والتعذيب وآثارهما سبباً رئيسياً في ظهورها .
لا تتركوهم نهبا للأمراض..!
وتوجه إلى وزارة الأسرى والمحررين والمؤسسات المعنية بالأسرى وحقوق الإنسان كافة لضرورة الانتباه جيداً إلى الأحوال الصحية للأسرى المحررين و"عدم تركهم فريسة لأمراض ورثوها عن السجون ، وضرورة إيجاد حاضنة تحميهم من تبعات آثار السجون وقسوتها ومداهمة أمراضها الخبيثة لأجسادهم".
ودعا الباحث المختص في شؤون الأسرى المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته الأخلاقية والإنسانية تجاه هؤلاء المحررين وتوفير سبل الدعم والمساندة لهم ، وإعادة تأهيلهم وتوفير الرعاية الصحية الكاملة والنموذجية لهم جميعاً دون استثناء ، باعتبارهم "ضحايا لممارسات الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه" .
كما حث الجهات المعنية على "إطلاق حملة عربية ودولية" من أجل توفير الدعم المادي لهم ، والتنسيق والتعاون مع مراكز تأهيل ضحايا التعذيب في العالم بما يكفل لهم الضمان الصحي والتربوي وتأهيلهم صحياً وجسدياً ، ومهنياً واجتماعياً ، وتأمين فرص عمل للعاطلين منهم عن العمل بما يتناسب وإمكانياتهم الأكاديمية والمهنية وبالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص.
وعلى صعيد السلطة الفلسطينية طالب فروانة وزارتي الأسرى والمحررين والصحة بتوفير تأمين صحي ومجاني لكافة الأسرى السابقين بدون استثناء ، بما يضمن لهم رعاية صحية أساسية مجانية ، ويكفل توفير العلاج اللازم الضروري.
معاناة الأسرى ملازمة لهم كظلهم سواء داخل السجن أو بعد التحرر منه ولكن ..فمن يخفف عنهم عذاباتهم ؟!

تعليقات