لا تلوموا مطر غزة ولوموا أنفسكم!!!!


                                              ************************************

لا تلوموا مطر غزة ولوموا أنفسكم!!!!

******* محسن الإفرنجي *********


أمطرت السماء مطرا غزيرا وفاضت ببركاتها علينا في غزة، لدرجة إشتعال النيران بين المواطنين والمسئولين والحكومة والبلدية وغيرهم على خلفية المسئول عن تداعيات وتبعات المطر.
لقد اقتربت حدة التراشق الإعلامي لدرجة لوم المطر على سخائه وتدفقه اللامحدود، والدعوة إلى "تبليط البحر" على أمل توسيع رقعة غزة وتخفيف الأزمة السكانية، ودعوات أخرى إلى بناء قبة "بلاستيكية" لحماية غزة من الأمطار الغزيرة.
لا يمكن تحميل المسئولية عما حدث اليوم بفعل الأمطار لجهة واحدة بعينها، لأن المطر بالفعل كان غزيرا لدرجة غير متوقعة، تفوق الإمكانات الضعيفة أصلا، والاستعدادات "الوهمية" التي سمعنا عنها.

لكن غزارة المطر كشفت عن العديد من العورات والمساويء وحالات الترهل والادعاء بالجاهزية، وغفلة المسئولين عن مسئولياتهم بدءا برئيس الوزراء والوزراء والوكلاء والمسئولين والمقاولين وأصحاب المشروعات الخاصة حتى المواطنين القادرين على فعل شيء من أجل تخفيف حدة المعاناة.
القسط الأكبر من الهجوم ناله اليوم رئيس بلدية غزة، الذي أشفق عليه لكني أستغرب كيف يقبل أن يبقى في منصب والمعظم له كارهون، رغم أنني سمعت أنه قدم استقالته ولم تقبل وهو كلام غير مقنع.

أزمة المطر - إن جاز لنا التعبير - كشفت بحق عن أزماتنا الداخلية التي كثيرا ما نكذب عندما نتحدث عنها ونستغلها فقط من أجل تحميل المسئولية إما للحصار أو لحكومة رام الله أو للظروف أو........
وجميع هذه الأزمات ينطلق من أزمة واحدة هي أزمة الأخلاق.
ولا يمكن أن نغفل حقيقة أن كل مصائبنا سببها الاحتلال لكن هذا لا يمنعنا من العمل الجدي، ولا يمنعنا من التخطيط الدقيق لمواجهة التبعات كافة، ولا يمنعنا من محاربة الفاسدين والمستغلين، ولا يمنعنا من محاسبة المقصرين والمتاجرين....

بكل صراحة...أوجه سؤالي لوزراء ومسئولي حكومة غزة: هل فعلا تشعرون بمعاناة المواطنين؟ هل تعيشون أوضاع الناس؟ هل تواجهون مشاكل في حياتكم مثل مشاكلنا اليومية من قطع كهرباء لمعظم ساعات النهار وتقفون في طوابير بانتظار سيارة تقل أحدكم وتنقله من مكان لآخر؟ هل لا تزالون تسمعون أنات المساكين والفقراء والمرضى المزمنين وغيرهم؟ هل تذكرون وعودكم وعهودكم التي قطعتموها على أنفسكم بتقديم أروع الأمثلة في البذل والعطاء والتميز؟!!! هل تحاسبون المقصر حقيقة أن أن محاسبته تكون كما فعل من قبلكم من خلال نقله إلى مربع آخر ليجرب مرة أخرى؟!!

أعتقد أن ثمة فجوة تتسع يوما بعد يوم بينكم وبين الشعب، رغم أنكم تكابرون ولا تعترفون بذلك ولولا صدق الناس وصبرهم وحبهم لكم لاختلف الأمر تماما..
أرجوكم يا حكومتنا الموقرة: عيشوا مع الناس وبين الناس وكفاكم أن تعيشوا في رغد العيش وأجواء المكاتب المكيفة والمواصلات المؤمنة والبيوت التي لا تنقطع عنها الكهرباء ولا تخش عدم توفر الوقود (إلا من رحم الله).
أعيدوا الثقة التي بنيتموها قبل أن تفقدوها، ثقة بنيتموها بدماء الشهداء وتضحيات الأبطال والقادة والمجاهدين وبصمود شعبنا قبل كل شيء...عيشوا مع الناس وبينهم وستجدونهم أكثر وفاء وعندها لن يضير غزة غزارة مطر كما لم يضيرها من قبل غزارة القنابل ولا كثافة نيران المحتل.
وآخر محطة..أرجوكم لا تقارنوا بين ما تفعلونه وتفعله حكومة رام الله، ومن يقارن دائما ينظر للنموذج الأفضل لا الأسوأ!!!!!

تعليقات