حواجز "الموت" الإسرائيلية تقتل الأجنة وأمهاتهم


حواجز "الموت" الإسرائيلية تقتل الأجنة وأمهاتهم

الحواجز الإسرائيلية تقطع أوصال الفلسطينيين ومدنهم وقراهم

مانشستر/ محسن الإفرنجي:
أظهرت نتائج دراسة طبية بريطانية أن الحواجز العسكرية الإسرائيلية تسببت في أحيان عدة بقتل أجنة في بطون أمهاتهم الفلسطينيات إثر منعهن من الوصول إلى المستشفيات والعيادات الصحية، مؤكدة أن الضغوط النفسية والقيود المفروضة على الحركة والتوترات السياسية "تؤثر بصورة سلبية كبيرة على صحة السكان".
وأكدت دراسة أجرتها دورية "ذي لانست" الطبية البريطانية ونشرت بعض نتائجها شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن الحواجز الإسرائيلية أرغمت نساء فلسطينيات عدة على الولادة عندها مما شكل خطرا على صحة الجنين والأم.
لكن الباحثة هاله شعيبي، من جامعة "آن أربر" الأمريكية التي تعمل مع "ذي لانست" لم تكتف بتلك النتائج وعملت أثناء فترة دراستها (من عام 2000 إلى 2007) على دراسة ما يحدث للنساء اللائي يجيئهن المخاض بالفعل وهن محتجزات عند الحواجز الأمنية في الأرض الفلسطينية المحتلة.

وقدرت الباحثة شعيبي، أن 10 بالمائة من النساء الفلسطينيات الحوامل قد تم تأخيرهن عند الحواجز الأمنية أثناء انتقالهن إلى المستشفى للولادة، موضحة أن إحدى نتائج هذا التأخير هو "زيادة كبيرة في عدد الولادات التي تتم في المنازل حيث تفضل النساء تجنب رحلات الطرق أثناء الولادة خشية عدم التمكن من الوصول إلى المستشفى في الوقت المناسب".
وقالت: إن "69 طفلاً ولدوا عند الحواجز الأمنية خلال فترة السبع سنوات تلك، كما توفي 35 طفلاً وخمسة أمهات" وهي نتيجة وصفتها الباحثة بأنها "جريمة ضد الإنسانية".
وتنتشر مئات الحواجز العسكرية الإسرائيلية خاصة في الضفة الغربية التي تقطع تلك  الحواجز أوصال مدنها وقرها وتصادر حرية التنقل والحركة، مما يخلق المزيد من الصعوبات أمام الفلسطينيين الذين يعتبرون معاناتهم أمام تلك الحواجز "مساسلا يوميا من الإذلال والتضييق".
وقال المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان:"تعاني الضفة الغربية من إجراءات حصار خانق، وانتشار غير مسبوق للحواجز العسكرية، بين المدن والقرى والمخيمات، الأمر الذي حول معظم مناطق الضفة إلى كانتونات صغيرة معزولة عن بعضها البعض".  
مصدر إزعاج يومي..
وذكرت شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) التابعة لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن دورية "ذي لانست" البريطانية "تعمل على مدار ثلاث سنوات حتى الآن مع الباحثين والمتخصصين الفلسطينيين في المجال الصحي من أجل توثيق آثار العيش تحت ضغوط نفسية والتعامل مع العجز والصعوبات الاقتصادية والقيود المفروضة على الحركة والتوترات السياسية والخوف من الهجوم الخارجي على الفلسطينيين".
وقالت "إيرين": " القيود المفروضة على الحركة في الأرض الفلسطينية المحتلة مصدر إزعاج يومي. وبصرف النظر عن عمليات التفتيش المهينة عند الحواجز الأمنية، لا يعرف السكان أبداً على وجه اليقين كم من الوقت ستستغرق رحلاتهم أو ما إذا كانوا بالفعل سيتمكنون من القيام بتلك الرحلات". لكن في الحالات الطبية الطارئة يمكن أن تكون تلك القيود "مسألة حياة أو موت" وليس مجرد تأخير.
ووصفت دورية "ذي لانست" حالة الرعب التي تخيم على النساء اللائي كن ينتظرن الولادة أثناء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة أوائل عام 2009، فقد "كن يدركن أنهن قد يحتجن إلى رعاية طبية عاجلة في الوقت الذي كن فيه محاصرات في منازلهن أثناء تلك الهجمات" وفق الدورية.
ولادات متعثرة..!
حالات التأخير على الحواجز الإسرائيلية وبوابات الجدار العازل، وإعاقة وصول المرضى والمصابين والحوامل إلى مراكز العناية الصحية، تناولها أيضا تقرير صدر مؤخرا عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت يذكر فيه أن عدد الشهداء بسبب الحواجز بلغ 401 منذ بداية انتفاضة الأقصى أواخر أيلول/ سبتمبر 2000 وحتى 31/1/2011.
وأكد التقرير أن الحواجز الإسرائيلية "تسببت بإجهاض عشرات الحوامل، وإرغام أخريات على الولادة عند الحواجز دون السماح لهن بالوصول للمستشفيات للولادة وتلقي الرعاية الصحية اللازمة لهن ولمواليدهن، كما سُجّلت ولادة 32 طفلاً ميتاً عند تلك الحواجز".
وأوضح أن عدد الولادات في المنازل بسبب الحواجز والعراقيل الإسرائيلية "ارتفع من 8.2% قبل انتفاضة الأقصى، إلى 14% خلالها، في مقابل انخفاض عدد النساء اللاتي يحظين بالرعاية بعد الولادة من 95.6% إلى 82.4%.".
وثمة معاناة أخرى للمواطنين الذين "مزق الجدار العازل شملهم وحرمهم من الحصول على الخدمات المختلفة ومن بينها الصحية"، لافتا إلى أن الجدار بات يشكّل عائقاً في الحصول على الخدمات الصحية لنحو 65% من الأسر الفلسطينية الواقعة داخله، علاوة على أن 92% من المرضى القاطنين غرب الجدار "واجهوا صعوبات في الوصول إلى الخدمات الصحية، حتى إن بعضهم توفوا على هذه البوابات بعد منعهم من الوصول إلى المستشفيات".

تعليقات