ليس بالخبز وحده يحيا "الغزيون"!!


ليس بالخبز وحده يحيا "الغزيون"!!..

لندن/ محسن الإفرنجي:
رفوف خاوية في المخزن المركزي للعقاقير بمستشفى الشفاء، بمدينة غزة،  ومنازل مدمرة منذ نهاية العام 2008 لا يستطيع أصحابها الإقامة فيها ولا إعادة بنائها وترميمها، ومزارعون محرومون من الوصول إلى أراضيهم الزراعية بعد أن صادرتها جرافات الاحتلال، وصيادون يفترشون رمال الشاطيء لمنعهم من الصيد، وأطفال ونساء ومرضى ينتظرون عند بوابة "معبر رفح" منفذهم الوحيد إلى العالم الخارجي.
صور "قاسية" للحياة في غزة في ظل الحصار الإسرائيلي المتواصل منذ خمسة أعوام؛ في وقت تدعي فيه سلطات الاحتلال الإسرائيلي أن "غزة لا تواجه أي أزمة إنسانية" وتمنع اقتراب أي سفينة مساعدات إنسانية إلى شواطئها المحاصرة.
لكن المنظمات الدولية دحضت الرواية الإسرائيلية وأكدت أن "تداعيات الحصار الإسرائيلي ألقت بظلال كئيبة على مناحي الحياة للمواطنين الغزيين المحرومين من حرية الحركة والتنقل"، لتوضح للعالم أنه "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان".
اللجنة الدولية للصليب الأحمر عرضت في تقرير بالصور لها بعض جوانب المعاناة الناجمة عن الحصار، مؤكدة أن الصعوبات الاقتصادية "تفاقمت بسبب خسائر قطاعات اقتصادية كانت تمثل مصدرا هاما للدخل مثل المنسوجات والزراعة".
وكان المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ذكر في أحدث تقرير له أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي شددت من حصارها على قطاع غزة، وعزلته بالكامل عن محيطة الخارجي منذ أكثر من أربع سنوات، الأمر الذي وضع سكانه العزل داخل سجن جماعي، وأدى إلى شلل في كافة مناحي الحياة، فضلاً عن انتهاكها الصارخ لكافة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للسكان المدنيين الفلسطينيين في القطاع.
ويبلغ معدل البطالة نحو 40 في المائة تقريبا "وسوف تظل هذه النسبة عالية بسبب بطء الانتعاش الاقتصادي" وفق تقرير اللجنة الدولية التي ذكرت أن القيود المفروضة على الواردات وبخاصة مواد البناء "أثرت تأثيرا شديدا على البنية الأساسية لقطاعي الصحة والصرف الصحي. فالقيود والحظر شبه التام الذي تفرضه إسرائيل يجعل من تحقيق الانتعاش الاقتصادي ضربا من ضروب المستحيل".
صور "قاسية"..!
ويركز التقرير المصحوب بالصور على جوانب صحية واجتماعية وبيئية تضررت بصورة "مؤثرة وقاسية" بفعل الحصار الإسرائيلي من بينها القطاع الصحي الذي يعاني بشكل دائم من نقص الأدوية والمواد الطبية المستهلكة.
وقال التقرير الدولي:"في عام 2011، واجهت الخدمات الصحية في غزة أسوأ أزمة لها بسبب هذا النقص. ويؤثر نقص الدواء والمواد الطبية المستهلكة تأثيرا مباشرا على الرعاية المقدمة للمرضى".
وفي ركن آخر من الصورة يعرض صورة لمعاناة المزارع فوزي النجار وهو ينظر إلى الجدار الإسرائيلي في خان يونس جنوب قطاع غزة؛ موضحا أن "إمكانية الوصول إلى الأراضي الصالحة للزراعة تراجعت بسبب القيود المفروضة على امتداد السياج مع إسرائيل، هذا بالإضافة إلى تجريف الأراضي وتدمير الأشجار".
وفي مدينة رفح جنوب القطاع وقف طفلان أمام منزل مدمر جراء عمليات القصف وإطلاق النار أثناء العدوان الإسرائيلي على غزة نهاية ديسمبر/كانون الأول 2008،  فيما لم تتمكن العديد من العائلات من البدء في إعادة بناء منازلهم واستئناف حياتهم بسبب الحظر المفروض على مواد البناء.
كما تعاني المدينة الحدودية من "ارتفاع نسبة البطالة وانخفاض القوة الشرائية للسكان"، فيما ترقد الطفلة الغزية سارة، (تسع سنوات) على الأرض ، بانتظار الحصول على تصريح من الجهات الأمنية في مصر لعبور الحدود بين رفح ومصر، حيث يعد المعبر الوحيد في قطاع غزة المؤدي إلى دولة أخرى في وقت أقفلت فيه كافة المعابر الإسرائيلية.
  
صادرات بنسبة صفر..!

وفي وقت تدعي فيه قوات الاحتلال بأنها سمحت بتصدير بعض المنتوجات الفلسطينية إلى الخارج؛ تؤكد اللجنة الدولية أن "المستوى الفعلي للصادرات من قطاع غزة لا يزال قريبا من الصفر"، بخلاف  التصريحات الإعلامية كافة المتعلقة بتصدير محاصيل معينة تدر الدخل مثل القرنفل والفراولة .
ويتطرق التقرير إلى مشاكل نقص المياه العذبة والمشاكل البيئية، علاوة على حرمان آلاف الصيادين من الصيد بحرية بسبب القيود المفروضة على تحركاتهم ومطاردتهم باستمرار.
ويعد قطاع غزة "واحدا من أكثر الأماكن المكتظة بالسكان على وجه الأرض، كما أنه واحد من أسرع المناطق نموا في العالم من حيث عدد السكان" وفق التقرير الدولي الذي يوضح أن 50% من سكان القطاع الذين يزيد عددهم عن 1.5 مليون نسمة هم دون سن 18 عاما.
وقال التقرير:"مع الأسف، لا يرى هؤلاء الشباب في الأفق أية بادرة لحياة كريمة أو مستقبل"، حيث أن "إسرائيل تفرض سيطرتها الفعلية على قطاع غزة، لاسيما على حركة الأشخاص والبضائع. وتقع على عاتقها مسؤولية السماح للسكان المدنيين أن يعيشوا حياة طبيعية قدر الإمكان".
وكانت قوات الاحتلال منعت وصول أي سفينة من سفن أسطول الحرية 2 إلى شواطيء قطاع غزة وهددت بمنعهما بالقوة وهو ما حدث مع سفينة "الكرامة" الفرنسية التي تحدت التهديدات الإسرائيلية وأبحرت قرب شواطيء غزة قبل أن يتم مطاردتها ومحاصرتها واعتقال المتضامنين على متنها.
"ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان" فالحرية والكرامة أعز وأغلى للمواطنين المحاصرين الذين يؤكدون أنهم رغم صور المعاناة "المؤلمة" في شتى مناحي حياتهم "لن يفرطوا بحقوقهم مهما طال الزمن".

تعليقات